تتأثر معظم الوجهات السياحية بما يُسمى موسمية السياحة، سواء كانت هذه الوجهات في الشرق الأوسط أو غيرها من مناطق العالم. ووفقاً لتعريف منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، يعبّر مصطلح موسمية السياحة عن التباين المؤقت في الأنشطة السياحية وأنماط الزيارة والسفر ضمن وجهة معينة وخلال فترة زمنية محددة. وتعود هذه الظاهرة إلى عوامل مختلفة تُصنف عموماً ضمن أربع فئات، وتشمل العوامل الطبيعية والثقافية والمؤسسية والاقتصادية. ويمكن أن تتسبب التقلبات الناتجة عن هذه العوامل في مجموعة من التحديات التي تعاني منها الوجهة خلال موسميّ الذروة والركود، ما يفرض ضرورة تنفيذ خطط ومبادرات استراتيجية متينة للتغلب على هذه التحديات والتخفيف من آثارها السلبية، بالإضافة إلى تحقيق أقصى فوائد ممكنة خلال موسم الركود.
وأطلقت كوليرز بهذا الشأن تقرير سوقٍ رائداً بعنوان “ تقليص الطابع الموسمي للسياحة: أسباب ومبادرات وأساليب تقليص الطابع الموسمي للسياحة في منطقة الشرق الأوسط“، ويقدم تحليلاً مفصلاً لأبرز الاتجاهات الموسمية التي تمت ملاحظتها في منطقة الشرق الأوسط، كما يقترح أساليب مبتكرة لمعالجة التقلبات السياحية الناتجة عنها. ويسلط التقرير الضوء على جوانب المناخ، ولا سيما درجة الحرارة وغيرها من العوامل الطبيعية التي تتحكم بهذه التقلبات الموسمية، انطلاقاً من التأثير الكبير لدرجات الحرارة المرتفعة على السياحة في وجهات الشرق الأوسط.
ويستعرض التقرير ست استراتيجيات مبتكرة لتعزيز الوعي بالتقلبات الموسمية التي يعاني منها قطاع السياحة في المنطقة وإدارتها بفعاليةٍ أكبر. وتتمثل الاستراتيجية الأولى في الارتقاء بالعروض التي تقدمها الوجهات، وذلك من خلال توفير أنماط سياحية متنوعة تستهدف شرائح السياح الأقل تأثراً بالظروف السائدة أثناء مواسم الركود، والذين يركزون على التجارب المقدمة أكثر من الطقس، بمن فيهم محبي المغامرات أو التجارب الثقافية أو تجارب العافية. أما الاستراتيجية الثانية فتقوم على توفير مزيج من المنتجات المخصصة، والتي تسهم في تحفيز الطلب وفقاً للشريحة المستهدفة والوجهة والموارد المتاحة.
وتشمل الاستراتيجيات الأخرى تصميم بنية تحتية قادرة على التعامل مع الظروف القاسية، لضمان راحة السياح عند ارتفاع درجات الحرارة، وتعزيز جداول الفعاليات وتنفيذ حملات ترويجية هادفة خلال مواسم الركود، وإقامة شراكات استراتيجية مع وجهات أخرى تقدم أنماطاً سياحية مختلفة أو مماثلة لتقليل الآثار السلبية لموسمية السياحة والاستفادة من مزاياها الكثيرة.
وتشهد الوجهات السياحية انخفاضاً في معدلات الزيارة خلال مواسم الركود، مما يؤدي إلى تراجع الإيرادات والنشاط الاقتصادي عموماً. وتلعب درجات الحرارة المرتفعة في منطقة الشرق الأوسط دوراً محورياً في هذه المعادلة. وعلى سبيل المثال، يظهر تأثير الطقس بوضوح في المملكة العربية السعودية، فإذا استثنينا النتائج الإيجابية المسجلة في المناسبات مثل عيد الفطر السعيد وموسم الحج وعيد الأضحى المبارك، سنجد أن هنالك علاقة عكسية واضحة قيمتها -0.85 بين المتوسط الشهري لدرجة الحرارة في مدينة الرياض وعدد السياح القادمين في كل شهر، ما يستوجب تطبيق الأساليب المبتكرة للتغلب على هذه التحديات وتمكين هذه الوجهات السياحية من الازدهار على مدار العام.