الرياض -: تتشكل علاقة طردية بين البنية التحتية للمدن وبما تتضمنه من خدمات ومرافق وتهيئة للبيئة بكافة المقومات الأساسية للمدينة العصرية، وبين جاذبيتها لتكون وجهة سياحية. بحيث تؤثر كل منها على الآخر وتتأثر به، لأنه بديهي أن تنعكس سلاسة الوصول وجودة الطرق ووفرة المنتزهات وانسيابية التنقل على التجربة السياحية، مع الأخذ بالاعتبار أن المشاريع والبرامج السياحية تتكفل بكونها مسرعات لنهضة تطور المدن.
ويظهر ذلك التطور السياحي في البنية التحتية جليًا في المشاريع الحديثة والمتمثلة على سبيل المثال في مشروع نيوم والذي يطمح لصنع سياحة عالمية في المملكة، كذلك مشروع القدية الوجهة المتكاملة للترفيه والثقافة والفنون، إضافة لمشروع أمالا في شمال المملكة ومشروع البحر الأحمر وجدة داون تاون في الواجهة البحرية، وأيضًا مشروع تطوير المتاحف في جميع أنحاء السعودية. وبحسب تصريح مستشارة علاقات الوجهات السياحية بوزارة السياحة ندا التميمي: “فإن خريطة 2030 السياحية تقوم على مرحلتين رئيستين تستمر المرحلة الأولى حتى 2022 قبل إطلاق المشاريع العملاقة، وتأتي تحت عنوان (اكتشف السعودية) أما المرحلة الأخرى فتبدأ من 2022 وحتى 2030 وتحمل عنوان (عش التجربة السعودية)”.
ومع إعلان الهيئة السعودية للسياحة عبر منصة “روح السعودية” عن إطلاق برنامج صيف السعودية 2021م تحت شعار “صيفنا على جوك”، خلال الفترة من 24 يونيو وحتى نهاية شهر سبتمبر في 11 وجهة سياحية، ويقدم من خلالها ما يزيد عن 500 تجربة سياحية عبر أكثر من 250 شريكًا من القطاع الخاص. يكون ذلك جزء من خطة استراتيجية طويلة المدى ومرحلة في رحلة النهضة والتطوير ضمن خطة المملكة في افتتاح 38 موقعًا سياحيًا في سبع وجهات سياحية بحلول 2022 مقارنة بـ15 موقعًا في أربع وجهات سياحية جاهزة لاستقبال السياح اليوم. وقد قُسّمت المشاريع السياحية إلى 24 موقعًا بارزًا و38 موقعًا بإمكانات كبيرة و500 موقع مكمل، وهي مواقع إضافية ذات أهمية سياحية وتُكمل التجربة السياحية.
فقد ظهر تأثير السياحة على البنية التحتية للكثير من تلك الوجهات السياحية، ففي منطقة عسير يعاد تهيئة القصور القديمة والمواقع الأثرية لتتيح للسيّاح زيارتها والتعرف على تاريخها، وفي جدة تمتد الواجهة البحرية الجديدة بمحاذاة البحر متضمنة على أهم المرافق التي يحتاجها الزائر والسائح، وفي الرياض تقام الفعاليات والأنشطة الترفيهية في الحدائق والمتنزهات مثل منتزه الملك سلمان البري ومنتزه الدرعية.
إجمالًا، وفي الوقت الذي تمثل فيه البنية التحتية حجر الأساس الذي تقوم عليه السياحة في أي مدينة، وكلما تطورت البنية التحتية حققت نتائج مستدامة في السياحة المحلية، وعطفًا على أن البنية التحتية هي مجموعة الخدمات والمباني والمرافق العامة التي تكمل بعضها البعض وتخلق توازن في المجال السياحي، فإن السعودية تشهد تطورًا كبيرًا وواضحًا في مجال السياحة وتسعى بشكلٍ دائم في تنميتها وتطويرها، لتصبح البنية التحتية عامل فاعل وعنصر جاذب للاستثمار في الأرض والمدينة، وصناعة سياحة تعكس صورة المملكة ومكانتها وتبرز مقوماتها المتمثلة في الحضارة والتاريخ والثقافة.