أبهيجيت بال، مدير الأبحاث بمجموعة “شركاء السفر” في Expedia Group
تغيّر الأجيال والتحولات الجغرافية والاقتصادية
على الرغم من أن ميم “OK Boomer” عند إنهاء المناقشات هي عبارة تبدو عليها بعض الحدة، إلا إنها تعكس تمامًا الفجوة المتزايدة بين الأجيال – فلكلّ جيلٍ من الأجيال رؤى واهتمامات وقيَم فريدة تميزه، وكل ذلك يؤدي إلى تغيّر ملامح السفر والطريقة التي يُتوقع من وكلاء السفريات أن يتفاعلوا بها مع كل جيل.
ووفقًا لبحثٍ أجراه فريق Media Solutions لدى Expedia Group، وُجِدَ أن المسافرين الشباب يتوقون إلى خوض التجارب والمغامرات الفريدة من نوعها، متخذين بذلك هاشتاج #YOLO “أنت تعيش مرة واحدة فقط” شعارًا لهم. وها نحن الآن أمام جيل ألفا. ومن الأخبار الجيّدة في العام المقبل: أن مواليد ذلك العام سيُولدون لأبوين من جيل الألفية، ذلك الجيل الذي لا يعرف الكسل عندما يتعلق الأمر بالسفر. ولكن التحدّي هو: أنه على الرغم من كونهم يافعين وصغارًا في السن، إلا إنهم يتمتعون بقوة فعّالة ذات أثر عظيم عندما يتعلق الأمر بالتأثير على قرارات السفر العائلية.
خلال عقدٍ من الزمان، سيبلغ أعضاء جيل ألفا من العمر 20 عامًا، ومن المتوقّع أن يكون هذا الجيل هو الأكثر تعليمًا والأغنى بصورة رسمية. ففي المرحلة الجامعية و/أو خلال العمل، سيتخذون قرارات السفر الخاصة بهم لشقّ طريقهم الخاص حول العالم. توقّع من هذا الجيل التوق إلى خوض تجربة سفر رقمية وسلسة بالكامل – إذ سيتمكنون من استكشاف وجهات سفر جديدة من خلال أجهزة العالم الافتراضي المتوفرة في المنزل لديهم أثناء تسوقهم بحثًا عن رحلتهم التالية، واصطحاب أحبائهم معهم بفضل تقنية الواقع المعزّز، والروبوتات المتقدّمة التي تُقدّم على الفور مسارات رحلات سفر قابلة للحجز بنقرة واحدة ومخصّصة لهم بدءًا من أماكن إقامتهم وحتى أماكن تناولهم للطعام. يُمكننا الجزم بأن هذا الجيل سيستمتع برحلات سفر كثيرة، سواء في العالم الحقيقي أو الافتراضي.
في العام الجديد، قد تكون الأحداث في العديد من المناطق حول العالم غير متوقّعة نظرًا للعديد من العوامل. وعلى الرغم من حالات عدم اليقين التي ستؤثر على السفر خلال العام، تُشير الطبقة المتوسطة الصاعدة على مستوى العالم، ولا سيّما في الأماكن مثل أفريقيا، إلى تحسّن أوضاع الأشخاص، وكذلك حصولهم على أجور جيّدة. وما يبدو واضحًا للغاية، إلا إننا سنذكره على أيّ حال هو أن الأجور الجيّدة تعني سفر المزيد من الأشخاص وزيادة الاستهلاك لأعوامٍ قادمة.
توقعات قد تكون مهمة بالنسبة لك
تغيّر ملامح بيئة العمل
في حين نجد أن الوظيفة المكتبية التي تبدأ في التاسعة صباحًا وتنتهي في الخامسة مساءً قد لا تزال روتين العمل الطبيعي لكثير من الموظفين، إلا إن هذا النمط يتراجع مع مرور الأيام بالنسبة للموظفين. ومع اتجاه الشركات نحو استثمار مزيد من الموارد التي تكفل رفاهية الموظفين، ومع تبني تلك الشركات لسياسات أكثر مرونة في السفر “والعمل من أي مكان”، يزداد رضا الموظفين ويتحسن مستوى إنتاجهم، مما يزيد من السعادة والحرية في حياتهم الشخصية. وفي السنوات المقبلة، سيتوفر لدى هؤلاء الموظفين مزيدٌ من الوقت، وربما مزيدٌ من المال- نتيجة الخدمات المُقدَّمة لهم مثل رعاية الأطفال- لينفقوه على أنشطة مثل السفر.
ومع ذلك، لن يختفي نمط السفر لأغراض العمل، بل بالعكس سيصبح أكثر أهمية من الناحية الفعلية تماشيًا مع نمو الشركات وسعيها نحو تحقيق ميزة تنافسية. تُعبّر سياسة السفر التي تنتهجها شركة ما عن ثقافتها والتزامها تجاه موظفيها، حتى أصبح ذلك الأمر عرضًا أساسيًا يجذب الموهوبين.
دعونا ننظر إلى الأمام فيما يتعلق بإمكانية سفر يربط بين العمل والترفيه. يتم إدراج مواعيد إغلاق مكتبك أو إجازاتك المقررة في جدول مواعيدك. فمن خلال الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، يمكن التنبؤ برحلة مخصصة، ويتم إخطارك بذلك. “لديك إجازة مدفوعة الأجر قريبًا، فهل حان الوقت لحجز رحلة؟” “هل ترغب في تمديد رحلة عملك إلى لندن الشهر المقبل لقضاء عطلة عائلية؟” وبمجرد النقر على الخيار “نعم”، سيتم إنشاء خط سير رحلة مخصصة تتوافق مع احتياجاتك وتفضيلاتك.
التنوع في أماكن الإقامة
إن تحويل السفر لأغراض العمل إلى رحلة تجمع بين العمل والترفيه (تمديد رحلة العمل من أجل الترفيه)، واصطحاب الأشخاص لأسرهم أثناء السفر لتلقي الرعاية الصحية – كل هذه العوامل أدت إلى إثراء التنوع في أماكن الإقامة. وتعني زيادة الإقبال على السفر عبر موقع Vrbo لحجز منازل عائمة، ويخوت، وشاحنات، ومقطورات Airstream بنسبة 30% سنويًا أن الموجة القادمة من أماكن الإقامة الفريدة قد حدثت بالفعل. وعلى الرغم من أهمية التنوع، إذ يجب أن يتمتع المسافرون دائمًا بحرية اختيار أفضل ما يناسب احتياجات سفرهم، ستستمر سلاسل الفنادق والفنادق المستقلة في أن تُؤدِّي دورًا مهمًا لا غنًى عنه.
من خلال تطبيق الذكاء الاصطناعي، يمكن للشركات أن تتنبأ بما سيشتريه المستهلكون استنادًا إلى أنماط الشراء الشخصية، ولا يختلف التسوق لحجز أماكن الإقامة عن غيره من أنواع التسوق. تخيل تجربة حجز توصي تلقائيًا بالحجز في منشأة فندقية معينة بناءً على أنماط حجوزاتك السابقة من رحلاتك الفردية السابقة. وهذا المثال الذي ذكرناه يعبِّر عن طرح بسيط للغاية لما يمكن أن نفعله من أجل تقديم تجارب أكثر استهدافًا للاهتمامات، وتتم بشكل أسرع من أي وقت مضى.
توقعات خارج الصندوق
تقديم صورة مختلفة لتجربة المطار
نحيا في عصر المسافر المتنقل – الأشخاص الذين يعطون الأولوية لأفضل الأسعار وتوفر وسائل الراحة في المطار، مثل الوقوف في صفوف تفتيش أمنية أقصر، والحصول على خيارات أفضل لتناول الطعام، حتى لو استدعى ذلك تجاوز المطار المحلي الذي يقع في بلدتهم أو مدينتهم على بُعد مسافة قصيرة (للغاية) بالسيارة. وبالتالي، ستحتاج المطارات في السنوات المقبلة إلى إعادة تقييم أكبر للعروض التي تقدمها من أجل جذب هؤلاء المسافرين – بمعنى تقديم مجموعة متنوعة من مسارات السفر، وخيارات صف السيارات، والمطابخ المحلية، والتسوق، وما إلى ذلك، أو باختصار، تقديم صورة مختلفة لتجربة المطار.
شراء تجارب تتطابق تمامًا مع الاهتمامات الشخصية
مع تحول المطارات إلى وجهات، فإنها ستستفيد أيضًا من زيادة استهداف الاهتمامات عبر توفير وسائل الراحة، على غرار نظيراتها من المنشآت الفندقية. ففي العَقد المقبل، من المحتمل أن يشتري المسافرون ميزات إضافية- عبر تطبيقات الأجهزة المحمولة وفقًا لاحتياجاتهم وميزانيتهم- مثل دخول فئة VIP عبر صفوف أمنية خاصة، وخدمات النقل من حافة الرصيف إلى البوابة، والوجبات المعلبة المُقدَّمة قبل الركوب، والمحتوى المختار بعناية أثناء الرحلة الجوية، وخدمة الواي فاي أثناء الرحلة الجوية، وخدمة النقل المرتبة مسبقًا من المطار. ويتوفر العديد من هذه الخدمات اليوم ولكن يجب شراؤها بشكل منفصل. ومن شأن الجمع بينها في برنامج واحد أن يحقق قيمة لكلٍ من المسافر ومزود خدمات السفر.
والجدير بالذكر أن الخدمات التي تتطابق تمامًا مع الاهتمامات الشخصية لا تنتهي في المطار. فعلى الرغم من أن وسائل الراحة هي مزايا موجودة في التجربة الفندقية منذ زمن بعيد، إلا إنها جاهزة أيضًا لإعادة اكتشافها. ويُذكر في هذا الصدد أن ملفات السفر ستتضمن قريبًا تفاصيل تجعل من الفنادق منازل فعلية بعيدًا عن المنزل، من خلال تضمين معلومات مثل بيانات تسجيل الدخول إلى نتفلكس لتكون برامجك وأفلامك جاهزة للمشاهدة عند الدخول إلى غرفتك بالفندق، أو ضبط درجة حرارة الغرفة وفقًا لما تحب، أو تجهيز خيارات الطعام والشراب عند وصولك.
تقبُّل المخاطرة
يتزايد نمو قطاع السفر العالمي- وهو أحد أضخم القطاعات- بوتيرة سريعة، مما يخلق فرصًا هائلة أمام الجميع لتقديم تجارب مذهلة للمسافرين.
هل تذكر تلك المفاجآت؟
التعاون هو السر وراء الوصول إلى كل هذه النجاحات، وكذلك تقبل القليل من المخاطرة. ويظل تعهدنا بالتزام النهج التعاوني أحد أهم الالتزامات التي نفي بها تجاه وكلاء السفريات الذين يعملون معنا، فنحن مثلاً نخاطر بوضع رأس مالنا في مجالات البحث، والتطوير، واختبار التقنيات أملاً في رفع هذا العبء عن كاهلهم. ففي عام 2019 استثمرنا ما يزيد على $1.7 مليار دولار أمريكي في التقنية والمحتوى، وعلى الرغم من أننا لن نبدأ بعد في التفكير في الزيادة التي سيشهدها هذا الرقم في المستقبل، إلا إن ما نعرفه جيدًا هو أن الاستثمار الذي وضعناه في هذه المجالات سيقلل من مخاطر
السنوات والعقود المقبلة على وكلاء السفريات لدينا، مما يوفر فرصًا أكبر للنمو المشترك.