منتجع باروس المالديف يحتفل بالذكرى الخمسين لتأسيسه

 اليوبيل الذهبي يحتفي بنصف قرن من الضيافة والتراث والابتكار المالديفي الأصيل

في شهر ديسمبر، يحتفل منتجع الجزيرة الخاصة الفاخرة باروس المالديف Baros Maldives بمحطّة مضيئة في تاريخه، ألا وهي الذكرى الخمسين لتأسيسه. إذ لا تُحيي هذه المناسبة الخاصة النجاحات الرائدة التي حققّتها الجزيرة فحسب، بل وتذكّر كذلك بالقيم المتجذّرة في نهج المنتجع والتي جعلته في مصاف أشهر المنتجعات وأطيبها سمعة في جزر المالديف اليوم.

 

ويقع فندق باروس Baros شمال مالي أتول، على بعد 25 دقيقة بالقارب السريع من المطار الدولي، وهو رمز للضيافة المالديفية الأصيلة. إذ كان باروس المنتجع الثالث الذي يتمّ افتتاحه في جزر المالديف، وفتح أبوابه للضيوف لأول مرّة في ديسمبر 1973. وكان في ذلك الوقت يضمّ سبع مجموعات من الغرف بجدران من سعف النخيل وأسقف من قشّ جوز الهند وأرضيات رملية وأسرّة للسفن أعيد استخدامها تعكس عهداً من البساطة. ولدى الوصول، كان على الضيوف القفز من قارب دوني التقليدي، والخوض في الأمواج اللطيفة للوصول إلى الشواطئ النقيّ. وكانت المياه العذبة نادرة الوجود وتصل في دلاء، بينما كان تبريد الغرف يقتصر على نسيم البحر الهامس . وما لبث عشّاق الغوص أن اكتشفوا الجزيرة التي اجتذبتهم بفضل صيد الأسماك بالرمح والوعد بملاذ طبيعي لم يمسّه أحد؛ فأصبحت باروس وجهة مفضّلة لديهم، ومكاناً مثالياً لتذوّق الأسماك المشوية تحت ضوء القمر بينما يتبادلون القصص مع مضيفيهم المالديفيين ويحدّقون في النسيج المرصّع بالنجوم في قبّة السماء.

 

وبعد مرور عشر سنوات، شهد باروس تطوراً كبيراً. حيث تمّ استبدال جدران سعف النخيل بجدران من المرجان والجير، وأسقف القشّ بأسقف من الخشب الرقائقي، إضافة إلى تشييد حمامات مبلّطة. وفي عام 1984، عمد المنتجع إلى تركيب أول محطّة تحلية للمياه، ما سمح بتوفير المياه العذبة وتقديم أحواض استحمام فخمة، محدثاً بذلك ثورة في المشهد السياحي بجزر المالديف. وخلال هذه المرحلة، أدركت الشركة المالكة للجزيرة، الشركة المحلية Universal Enterprises التي تُديرها عائلة مالديفية، أن السحر الفريد لباروس ينبع من جمالها الخلاب والطبيعي. وبالنسبة إلى باروس، لم يكن الأمر محصوراً في النموّ والتقدّم فحسب، بل تجاوز ذلك إلى الالتزام بالحفاظ على هويتها الأصيلة كجزيرة. وبينما اعتنق البعض نهج الحداثة، اختارت باروس أن تتأقلم مع الطبيعة، ودمجت النباتات الوارفة في تصاميمها المعمارية، محافظةً على جمالها وتميزّها.

 

وبدلاً من استعمال الظلّ الاصطناعي، احتفظ المنتجع بزهاء 374 شجرة نخيل تُظلّل الجزيرة حتى اليوم، ما يبرز احترام وتقدير أصحاب الجزيرة للبيئة ولتاريخها كمزرعة لنخيل جوز الهند. وفي باروس، تحتلّ الطبيعة موقع الصدارة ليس فقط على اليابسة، ففي أعماق المياه الزرقاء الصافية التي تمتدّ حتى شواطئها تكمن كنوز خفية، منها حيد مرجاني من الطراز العالمي يعجّ بالحياة البحرية. وهذه المعالم البحرية الرائعة تقع على مقربة من فيلات النزلاء، وهي مكان مثالي للغواصين وعشاق السباحة على حد سواء.

وأعضاء فريق الأحياء البحرية في الموقع يُظهرون شغفهم واهتمامهم من خلال مشروعات مثل “مشروع المكعّب المرجاني”، حيث يشجعون الضيوف على المشاركة في حماية وصون الشعاب المرجانية، والتمتّع بجمال العالم تحت البحر الذي يحيط بالجزيرة.

 

تتميز رحلة منتجع “باروس” بروح الابتكار. فهو من أوائل المنتجعات التي قدّمت حمامات خارجية، بجانب الأكواخ الأنيقة فوق الماء التي أصبحت الآن مميزة لجزر المالديف. ومحطة تحلية المياه التي افتُتِحت في عام 1984 كانت الأولى في المالديف، ووضعت معايير جديدة لقطاع السياحة في تلك الجزر. كما أن رصيف البيانو ومطعم وصالة “ذا لايتهاوس” البحري المُبنى على طابقين، يبرزان الالتزام المستمرّ للمنتجع في الريادة والابتكار، مع الحفاظ على الأناقة الأصيلة التي تميزّه.

 

ومع تطور منتجع “باروس” خلال العقود الخمس الماضية، استمرّ التفرّد في فنّ الطهو. وبالإضافة إلى المطاعم الأخرى، يُعدّ مطعم وصالة “ذا لايتهاوس”، الذي تم تأسيسه في عام 2005، بمثابة معلم مميز لتجربة الطعام الراقي في المالديف. فها هنا، لا يزال طبق الكركند المشوي، الذي يُعد بجانب الطاولة، يجذب الضيوف من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب أطباق أخرى لا تقلّ تميّزاً.

 

وبدخول “باروس” عقده السادس، يظلّ المنتجع يفتخر بجذوره المالديفية، مُركّزًا على الرحلة أكثر من الوجهة. وفي عالم متغيّر، يظل باروس أمنيناً على تقاليد جزر المالديف وجوهرها الحقيقي.

 

ومن جهة أخرى، فإن ضيافة “باروس” لا تقتصر على الرفاهية، بل تتجاوزها إلى التميّز والتفرّد في الخدمة. ومن الأعضاء البارزين في فريق العمل، محمد زيهوني، الذي كان أول الموظفين ولا يزال يعمل في المنتجع حتى اليوم، وإبراهيم، الذي بدأ من 36 عاماً عندما كان في السادسة عشرة من عمره ويعمل الآن كمدير مغسلة، والغطّاس أحمد، المعروف بـاسم “دايف أحمد”، وقد أنجز أكثر من 25,000 غطسة، هم جميعاً أصوات حيّة تروي قصة “باروس“.

 

وفي ما يخصّ الضيوف، فإن نسبة الضيوف المنتظمين تُظهر التقدير والوفاء، حيث تتجاوز 30%. وبعضهم زار المنتجع أكثر من 50 مرّة، مثل الزوجين الألمانيين اللذين نزلا في المنتجع 54 مرّة، والزوجان البريطانيان اللذين زاراه 32 مرّة، وآخرين أكثر من 20 مرّة. هؤلاء الضيوف هم جزء من عائلة “باروس”، ويشاركون في تشكيل قصّة المنتجع الغنية.

 

يُعتبر باروس منارة للتميز في قطاع الضيافة، محتفظاً بصدارة تقييمات الضيوف ونيله جوائز الإشادة المتعدّدة. فقد حاز على لقب “المنتجع الأكثر رومانسية في العالم” للمرّة السابعة في عشر سنوات خلال 2022 من قِبَل جوائز السفر العالمية، وكذلك لقب “المنتجع الأكثر رومانسية في المحيط الهندي” للعام العاشر على التوالي في ذات العام. ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد تم ترشيحه أيضاً كأفضل منتجع لشهر العسل في جوائز Elle Bridal Awards لعام 2021. أضف إلى ذلك، تكريم باروس بلقب “رمز جزر المالديف” في حفل جوائز Hideaways الفاخر خلال معرض ITB لعام 2023، وقد كُرّم ضمن أفضل 20 منتجعاً في المحيط الهندي بحسب تصويت قراء Condé Nast Traveler في عام 2023.

 

وفي عصرنا هذا، يتألّق منتجع باروس بفخر، مع تلقّيه استثمارات تجديد مستمرّة تزيد قيمتها على 6.8 مليون دولار أميركي في السنوات القليلة الماضية. ويتم تنفيذ هذه التجديدات بحرص شديد على البيئة الطبيعية وبتعزيز للصناعات والحرفية المحلية، ما يعكس التزام باروس بالجمع بين الرفاهية والاستدامة.

 

في عالم يسعى فيه الكثيرون لتقديم صورة  عن جزر المالديف، يبرز باروس كمثال حقيقي لما ينبغي أن تكون عليه. فهو منارة في عالم ضيافة المالديف المتغيّر دوماً، وهو حافظ للتراث المحلي، ومنبع للابتكار والجمال الخالد.


Posted

in

by

Tags: